الاثنين، 18 مارس 2013

صراع العلم مع الكنيسة حجر أساس العلمانية .. وموقف الإسلام منها

18-03-2013  |  يحيي البوليني  


لم يكن يتخيل مسلم إن ترفع لافتات  أو ان تكتب عبارات على الجدران تنادي بهذا الشعار الغريب عن شعب مصر المسلم , وهو " العلمانية هي الحل " , وذلك كمصادمة ومعارضة لمصطلح راج في الفترات الطويلة السابقة خلال أغلب الانتخابات بها وهو شعر " الإسلام هو الحل "
ولقد كثر - بالنسبة لعوام المسلمين – في الآونة الأخيرة تكرار تلك المصطلحات على مسامعهم ولا يدرون لها معنى , مثل العلمانية والعولمة والتنوير والحداثة وما بعدها , فعلوم البسطاء تكاد تنحصر بين انطباعين اثنين تجاه كل مصطلح منهم , إما الاستحسان والقبول أو الاستقباح والرفض , فان ذكر المتحدث المصطلح مستحسنا إياه استحسنه المستمع والعكس بالعكس , دون أن يدري المستمع معنى محددا للمصطلحات التي يسمعها كثيرا , ودون أن يكلف أيضا أحد المثقفين نفسه بشرح المعنى الحقيقي للمصطلح سواء بسبب ضعف في علمه أو بسوء قصد منه .
وترسخ لدى الناس مفهوم ثقافي غريب , وهو أن ثقافة المتحدث مرتبطة عند المستمع بقدر ما يذكر المتحدث من مصطلحات غامضة , ولهذا يحاول بعض من يسمون أنفسهم بالنخبة إرهاب المستمعين والمشاهدين بذكر مجموعة من المصطلحات الغامضة والتحدث عنها كبديهيات , لكي يسلم مستمعوهم لهم بأنهم الأعلى ثقافة والأكثر علما وأنهم يدركون ما لا يمكن إدراكه على مصل البسطاء.
وتعتبر المصطلحات عامة من أكثر نقاط المعرفة غموضا وإثارة للجدل لان معظمها ليس له معنى واحد محدد , بل تتعدد فيها الرؤى بحسب وجهات النظر إليها , وتعتبر مساحة التعريف بكثير منها مطاطة بحيث أنها تستوعب المعنى وتفسيراته وربما مضاداته أيضا معا .
وثمة مشكلة أخرى عند كثير من المفكرين الإسلاميين , وهي أنهم حين يتعرضون بالتوضيح والشرح أو النقد لأي من المصطلحات الفاسدة - في برامج مشاهدة أو مسموعة أو في مقالات أو كتب - فتجد أكثرهم يعرض فكرته بحديث ممتع وجيد  لكنه يظل دوما نخبويا لا يفهمه البسطاء , فيخرج معظم الناس بعد سماعهم أو قراءة ما كتبوا وهم لم يفهموا المصطلح ولا الرد عليه ولم يستفيدوا شيئا .
ومن هنا أحببت أن اكتب عن أهم المصطلحات وأكثرها خطرا وهو " مصطلح العلمانية " بلغة غير عسيرة على الفهم دون أن أورد بعض المصطلحات الأخرى ولأكتفي فقط بطرح الفكرة والنشأة وسبب الظهور وخلافها مع المنهج الإسلامي وخاصة بعد بروز عدة أفكار في المجتمعات الإسلامية تروج للعلمانية وتدعي أنها ليست ضد الإسلام وأنه يُقبل من المرء أن يكون مسلما علمانيا في آن واحد دون خلل في التزامه وايمانه بثوابت الإسلام .
ويحاول الكثيرون اليوم التسويق لمصطلح جديد يزاوج بين الإسلام والعلمانية ويدعونه الإسلام العلماني وينادون بطرحه على الناس ليجمعوا عليه الناس التي تجد حرجا في تقبلها للعلمانية .
نشأة العلمانية وأسباب ظهورها :
في القرون التي سميت بالقرون الوسطى وذلك بالتزامن مع التقدم والرقي الإنساني والعلمي الإسلامي , عاشت أوروبا عصور جهل سميت بعصور الظلام , كانت فيه الكلمة الأولى والأخيرة لرجال الدين المسيحي , فهم الذين يتحكمون في كل شيئ ولا يستطيع الناس أن يخطو أحدهم خطوة إلا بمباركة الكنيسة وإذنها , فكانت لها الكلمة العليا أيضا على رجال السياسة والاقتصاد ممن يسمون بفئة الإقطاعيين أصحاب رؤوس الأموال والذين يتخذون غيرهم عبيدا عندهم للعمل في مزارعهم , وكان مجرد تأفف العبد أو شكواه من ظلم سيده له جريمة كبرى يحكم عليه بالمروق ومن ثم الموت من قِبل الكنيسة ورجالها .
ولم يقتصر تدخل الكنيسة في هذه الجوانب فقط , فقد تعداها إلى العلوم النظرية والتطبيقية , فكان لها علمها الخاص الذي تلزم الناس بالقول به , ويعتبر كل قول مخالف أو كل عالم مخالف لهم مارقا من الدين ويتهمونه بالإلحاد والزندقة ويحكمون عليه بالموت بوسيلة غاية في الوحشية وهي الموت حرقا .
ولم تكن النظريات العلمية التي تفرضها الكنيسة نابعة من أساس علمي أو تجارب حقيقية , بل كانت عبارة عن تخيلات أو أهواء لأصحابها ثم يصبغونها بالصبغة الدنية بدعوى أن هذا علم من الكتاب المقدس , ويعتبر الخروج عليه كفرا بالكتاب المقدس كله , وبلغ من سطوة الكنيسة الدنيوية والدينية أن جعلت تداول العلوم عملا مجرما , لهذا حرص العلماء وطلاب العلم على أن يجعلوه سريا ومكتوما حتى لا يقع أحدهم في يد رجال الكنيسة .
فكان الصراع الذي لابد وأن ينشأ بين رجال العلم ورجال الكنيسة والذي دفع فيه العلماء في كل يوم ثمنا باهظا حرقا وقتلا , فكما يقول " كويت " في كتاب تاريخ البشرية الصادر عن منظمة اليونسكو " كل خطوة إلى الإمام في البحث عن المعرفة قد حوربت باسم الدين "
وانتهى المطاف باستجماع العلماء لشجاعتهم وقوتهم على مواجهة السلطة الكنسية وشجعهم على ذلك تحقيق العلم والعلماء عدة انتصارات عليها , فيقول " الفريد هوايت هد " في كتاب " الجفوة المفتعلة بين العلم والدين : " ما من مسألة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ دائما حليف الدين "
ولم تكن تفسر الحرب الدائرة بأنها بين رجال العلم ورجال الدين فحسب , بل أصبح الفريقان يصورانها للعامة بأنها حرب صريحة للعلم مع الدين , ولهذا عندما انتصر العلماء اعتبرت هزيمة ساحقة للدين وليس لرجال الكهنوت فقط , وأعلن موت الدين النصراني في أوروبا وفصله تماما عن الحياة .
العلمانية نتيجة الهزائم المتكررة للكنيسة أمام العلم [1] :
- قالت الكنيسة - وفقا للكتاب المقدس - أن الأرض مسطحة منبسطة وأنها هي مركز الكون , وجاء العلم بتجاربه وباستعانته ونقله عن العلماء المسلمين وبالأجهزة التي تم ابتكارها في تلك الآونة ليظهر بوضوح وجلاء أن الأرض ليست مسطحة وأنها كروية الشكل – في حينها – وأنها ليست محور الكون فالأرض والكواكب الأخرى المحيطة تدور حول الشمس , فكانت هزيمة للكنيسة .
- قالت الكنيسة أن الإنسان والكون خلقا معا في ستة أيام وذلك في عام 4004 ق م , بينما أثبتت الحفريات والكائنات الدقيقة والعلوم الحديثة أن عمر الكون لا يعود لأربعة آلاف عام فقط بل يقدر عمر الكون بمئات الملايين من السنين ويقدر عمر الإنسان بالملايين وأنهما لم يخلقا معا بل سبق الكونُ الإنسانَ بمدة طويلة جدا .
- قالت الكنيسة أن الكون مكون من عناصر أربعة فقط وهي الماء والتراب والنار والهواء بينما أثبت العلم أن مكونات الكون كثيرة جدا ويستحيل تخلقها من بعضها وأنها تزيد عن التسعين عنصرا .
- وفي باب العقيدة قالت الكنيسة أن العهد القديم والجديد ورسائل الرسل الموجودة بين أيديهم كتب منزلة من السماء , ولكن النقاد التاريخيين الذين اعتنوا بالبحث عن أصول تلك الكتب ومرادفاتها ولغة الخطاب اثبتوا أنها من كتابة مؤلفين بشريين وذلك في عصور متعددة وليسوا في عصر واحد .
- وفي باب العقيدة أيضا تلك العقيدة الأساسية عندهم بأن الأب عندهم له ذات كاملة غير متجزئة , وكذلك الابن والروح القدس , فكل منهم له ذات كاملة فليسوا أثلاثا , ولكنهم بجمعهم للذوات الكاملة الثلاثة يصير الناتج واحدا , فكانت معادلتهم ( 1+1+1=1 ) , والعقل البسيط للعوام فضلا عن علماء الرياضيات ينكرون هذا ويعدون القول به مستحيل عقلا فلا محل لقبوله شرعا . 
- وفي باب العبادات قالت الكنيسة أن الخبز والخمر في العشاء الرباني أو ما يسمى عندهم بالتناول يتحولان إلى دم وجسد المسيح حقيقة , بينما أكد العلم والتجربة العملية أن مزج الخبز بالخمر لا يمكن عقلا أن ينتج لحما ودما وأن هذا محض استحالة عقلية فلا يمكن قبوله منهم .
- وفي مجال الحياة الاجتماعية وربطها بالدين قالت الكنيسة أن الرهبنة وسيلة للطهر وفضيلة سامية , بينما أثبت علماء الاجتماع وعلماء النفس أنها تتصادم مع الفطرة الإنسانية وتصادم نواميس الطبيعة وتفضي بالجنس البشري للهلاك إذ أنه لن يكون هناك نسل , وأثبتت الوقائع التاريخية والعملية أن سلوك سبيل الفواحش هو البديل الذي حل لدى الرهبان محل الطهر الذي تركوه بدعوى طلب الفضيلة .
- وفي الطب قالت الكنيسة آن كل الأمراض كبيرها وصغيرها سببها الوحيد مس شيطاني وبالتالي يمكن علاجه بإقامة القداس والمسح بالصلبان , بينما أثبت علماء الطب أن هناك كائنات دقيقة ( سميت فيما بعد بالميكروبات والفيروسات ) تسبب الأمراض يمكن القضاء عليها بالمستحضرات الكيمائية على سبيل الوقاية والعلاج .
وكان انتصار اليهودي دارون في معركته مع الكنيسة بنظريته الباطلة حول أصل الإنسان التي لم يستطع رجال الكنيسة الثبات أمامها أو مقاومتها وردها , كان بمثابة إنهاء كامل لسيطرة الكنيسة على العلم , فتعرضت بعده كل ثوابت الكنيسة للنقد والإبطال .
لذا فمن أحد أهم الثوابت التي تعرضت للنقد معجزات الأنبياء والرسل والحواريين الموجودة في الكتاب المقدس , فتعرضت للهدم الكامل من الأساس لعدم وجود سبب علمي لها , فقال عنها " هيوم " في كتاب تكوين العقل الحديث : " يرفض الأحرار الاعتقاد بأي خرق للقانون الطبيعي ونظامه ولذا يفسرون أخبار المعجزات بأنها من نتاج أسباب طبيعية إنسانية كالسذاجة والخيال والخرافة " .
وبعد هذه الانتصارات المتتالية كان ظهور العلمانية كرد فعل وتيار أهوج ومتطرف على سيطرة الكنيسة على كل مناحي الحياة وعلى تدخلها وقمعها للعلم والعلماء , فنادت العلمانية بنبذ الدين كلية وشكلت تيارا علميا وفكريا وثقافيا هادرا جرف أمامه كل ما يمت للدين بصلة معتقدين اعتقادا راسخا بان تقدمهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي مرهون بـ " شنق آخر إقطاعي بأمعاء آخر رجل دين " وأن تقدمهم العلمي مرهون بإسكات صوت الدين عن التحدث في أي قضية مهما صغر شأنها .
وأضحى التمسك بالدين أو حتى مجرد الحديث عنه سبة في شأن صاحبه , ويعتبر رجعية وتخلفا وردة حضارية وعودة لعصور الظلام , وحتى من كان لديه من العلماء مسحة من أثر دين فليسكت عنه ولا يجعل له أي تأثير في حياته وعمله
ولهذا كانت توصيتهم لعلمائهم بنبذ الدين كما قال اميل بورترو في كتاب " العلم والدين في الفلسفة المعاصرة" :  " أنه يجوز لأي منهم – أي العلماء - أن يعتقد معتقدات كما يرغب بدافع شخصي أو وراثي , ومن كان منهم متدينا فعليه حين يدخل المعمل أن يترك عند الباب معتقداته الدينية ولا بأس أن يستعيدها عند خروجه من معمله " .
العلمانية تجسيد لنظرية الصراع بين الإنسان والإله
ونظرة متفحصة لحقيقة الصراع في أوروبا نجد أنه لم يكن هذا الصراع بين العلم والكنيسة إلا نيابة عن صراع أعمق في الفكر الغربي النصراني , وهو الصراع الدائم بين المخلوق والخالق نتيجة معتقدات موروثة دينية ووثنية معا لم تفارق العقلية الأوروبية النصرانية .
ففي الميراث الديني , لم تكن العلاقة عند الغرب بين المخلوق والخالق علاقة تعبدية فيها من الإجلال والتعظيم الذي نعرفه نحن المسلمين , ولكنها كانت علاقة شبيهة بعلاقات المتناظرين المتكافئين الذين يسعى كل منهما للسيطرة على الآخر , وكان ذلك في الفترتين على السواء فترة النصرانية وفترة الوثنية .
ففي النصرانية قامت نصوص العهدين القديم والجديد – ونحن نؤمن أنها من صنع بشري وليست سماوية - بتشويه صورة الإله في أعين المخلوقين فجعلته كأحد المخلوقين – تعالى الله عن ذلك – فأظهروه بصورة من يُخدع ويخادع ويبكي ويندم ويتردد ويجهل ما في ملكه ويخشى مخلوقاته , وصورت دوما أن هناك صراعا محتدما بين الخالق والإنسان على زعامة الكون وقيادته , فالإله عندهم يستخدم قدراته وقواه للعمل على تجهيل الإنسان خشية أن ينافسه على الألوهية لو استطاع أن يصل إلى ذلك بالعلم , والإنسان عندهم بدوره يقوم بالمحاولة الدائمة لكي يهرب من سيطرة الإله ويتعلم العلم ليتمكن من التحرر من ربقة العبودية لذلك الإله .
ففي مواضع عدة من العهدين القديم والجديد نجد هذا المعنى متكررا بوضوح , ففي سفر التكوين مثلا عند البداية في قصة خلق آدم – عليه السلام - " فقالت الحية للمرأة لن تموتا إنما الله عالم أنكما في اليوم تأكلان منها تنفتح أعينكما وتصيران كالآلهة في الخير والشر ......" [2],  و " وقال الرب الإله هو ذا آدم قد صار كواحد منا يعرف الخير والشر والآن لعله يمد يده فيأخذ من شجرة الحياة ويأكل فيحيا إلى الدهر فأخرجه الرب الإله من جنة عدن " [3].
وفي فترة الوثنية في أوروبا نجدها قد تركت للأوروبيين ميراثا شبه متطابق مع هذه الفكرة في العلاقة بين الخالق والمخلوق ,  ففي الأسطورة الإغريقية – التي نبرأ إلى الله مما تقول – نجد أن زيوس عندهم الإله ورب الناس وكذلك رب الآلهة الأخرى , فخلق زيوس برتميوس من الطين , ونفخ فيه الروح الإلهية " اثينا " ثم حقد عليه وحرمه وذريته من كل خير في الدنيا ثم حرم عليهم النار الضرورية لإقامة حياتهم على الأرض , فسرقها برتميوس من السماء بحيلته وبمساعدة بعض الآلهة الأخرى , وتحدى برتميوس الإله الأكبر زيوس بالعلم , وعندما خشي زيوس من برتميوس وتأكد من عدم مقدرته على إهلاكه ونسله عمل على تقليل فرص المعرفة أمام برتميوس وأبنائه حتى لا يرقون لمستوى الآلهة  .
ولهذا استقر في أذهان الأوروبيين عن طريق الميراثين الديني والوثني معا أن كل اقتباس ونهل للبشر من العلم هو بمثابة هزيمة جزئية للإله , وأن كل سعي نحو العلم هي خطوة للتحرر من قيود الإله ذي الصورة الحاقدة الطاغية , والذي يتعمد تجهيلهم وإذلالهم بقهره وسطوته .
وفي هذا يقول وليم جميس في " العقل والدين "  " لا يزال بعض رجال المذهب الوضعي ينادي اليوم قائلا : هناك إله واحد مقدس يقف في جلاله وعظمته بين أنقاض كل إله غيره وكل وثن , والحقيقة أنه ليس هناك إلا أمر واحد وقول واحد وهو : أن ليس لكم أن تؤمنوا بإله " .
إذن فالعلمانية لا تعنى سوى نبذ الدين كلية من حياة الناس وإلغاء دور الإله تماما , فلا حاجة لهم به ولا شأن له بهم , وأن لهم السلطة المطلقة على إدارة شئونهم بعيدا عن أي توجيه سماوي ولا تشريع الهي , على أن يقتصر دور الدين على العلاقة في دور العبادة لمن شاء أن يكون له صلة تعبدية مع الخالق على ما فيه من صفات النقص التي ينعتونه بها .
وهكذا فالعلمانية : هي ردة فعل خاطئة ومتطرفة قامت ضد ممارسات خاطئة من رجال تحكموا بأهوائهم في عقول الناس ومصائرهم باسم دين محرف , وهي كالنبات الخبيث الذي خرج من أرض خبيثة في ظروف بيئية أشد خبثا .
ويكمن الخطأ الأكبر للعلمانيين في ردة فعلهم تجاه المنكرات التي قام بها رجال الدين في أوروبا إذ أنهم عندما أرادوا التخلص من سيطرة رجال الدين الفاسدين ومن نظام الحكم باسم الدين تركوا الدين بالكلية وعادوه وأزاحوه عن حياتهم , فيكون خطؤهم الأكبر أنهم ارتضوا بديلا واحد لم يسلكوا غيره , فلم يبحثوا كأحد الحلول العقلية عن جوهر الدين الحق أو يبحثوا عن دين آخر يفي بمتطلباتهم الروحية ويشبع رغباتهم العقلية ولا يضع تلك القيود على العلم فيسمح لهم بالعلم والعمل معا .
ولا يقبل منهم عقلا أنهم لم يجدوا هذا الدين الذي يوازن بين الدنيا والآخرة , وخاصة أنه في نفس الوقت كانت علوم المسلمين تملأ الكون وأنهم بالفعل قد نهلوا منها واستفادوا من علومها وبنوا عليها حضارتهم وتأكدوا بالتطبيق العملي أن الإسلام لا يعارض العلم بل يحث عليه ويكرم أبناءه ويرفع من قدرهم وشأنهم , ولهذا فأول اتهام للعلمانيين أنهم لم يخلصوا حتى للعلم الذي ادعوه إذ اختاروا نبذ الأديان كخيار وحيد , وأنهم  أرادوا التحرر من أية سلطة دينية , ولم يبق لهم مشرع سوى عقل الإنسان رغباته وأهوائه بعيدا عن قيد الشرع والدين , وهذا قاسم مشترك بين كل العلمانيين .
ولهذا فمصطلح العلمانية بنسبته للعلم لا يعتبر تعبيرا دقيقا يعبر عن هذا المذهب الفكري , بل يعتبر مصطلح اللادينية هو الأصدق تعبيرا ووصفا , وما كان مصطلح العلمانية إلا تحريفا متعمدا منهم لترويج فكرتهم , ولكي يوهموا الناس بأنها وذهب يدعو للعلم وللتقدم دون أن يصرحوا بأنها مذهب يدعو لنبذ الأديان كلها وقطع علاقة المخلوق بالخالق .
موقف الإسلام من هذه الدعوة
عندما ذهب بعض أبناء الإسلام إلى أوروبا في عهد التقدم الأوروبي الذي صاحبه تأخر المسلمين , فوجدوا الفارق شاسعا بين علومنا وعلومهم ووجدوا أن المسافة طويلة للحاق بهم فبدأ التساؤل الأول والأهم : كيف يمكننا أن نلحق بكم أو نقتبس من علومكم ؟ فجاءت الإجابة الوحيدة بان سبب تقدمهم الوحيد هو تجنبيهم للدين عن مجريات حياتهم , فالدين يدعو – عندهم - للرجعية والتأخر ويضاد العلوم الحديثة .
فعاد أبناء الإسلام محملين بتلك الفكرة المستوردة , ولم يبحثوا في أصلها ولا سبب وجودها , وعادوا يقنعون الناس بأنه لا سبيل للتقدم إلا بالبدء بما بدأ به الأوربيون .
ولهذا عند مناقشة موقف الإسلام من دعوة العلمانية لا يمكن مناقشتها على أساس أنها خيار أو بديل مطروح يقارن بينه وبين المنهج الإسلامي , ولا على أنها مذهب علمي قابل للاستيراد والتطبيق  , بل تُناقش من باب كشف وتوضيح الالتباس عند الناس ولكي نمنع التلاعب بعقول البسطاء .
ويجدر الانطلاق عند مناقشتها من منطلقين أساسيين وهامين وهما :
هل لنا حاجة لها في العالم الإسلامي ؟
وماذا خلفت عند تطبيقها في بلاد الغرب ؟  .
أولا : هل نحتاج للعلمانية ؟
أسئلة كثيرة تلح على الأذهان عند البحث في حاجة امة الإسلام للعلمانية , فلم يثبت على المنهج الإسلامي يوما عدم صلاحيته لقيادة الأمة إلى الرقي والحضارة حتى يحتاج للعلمانية ليستعين بها لتعالج أمراض الأمة الإسلامية , أو أن  يُدعى أن المسلمين يحتاجونها لتحل محل للمنهج الإسلامي لأننا ليس لدينا من الأمراض المشابهة للأمراض التي عانت منها أوروبا عند ظهور العلمانية بها  , ولأن المنهج الإسلامي يختلف تماما عن المنهج الذي كان يسير به رجال الدين في القرون الوسطى في أوروبا .
إنها فكرة مستوردة ربما أفادت غيرنا فعالجوا بها بعض مشكلاتهم – مع أن هذا غير محسوم ولا مسلم به – فهل كل ما يُستورد يكون مفيدا ويحتاج إليه في كل المجتمعات ؟ .
فالعقل البسيط يأبى الإقرار بذلك لاختلاف البيئات والثقافات والاحتياجات , فلن يقتنع العقل أبدا بأن شحنة من آلات كسح الثلوج استوردت من أوروبا ستجد من يقبل على شرائها في دولة صحراوية قاحلة الماء , ولن يسلم أبدا ضعاف العقول – فضلا عن العلماء - بأن سفنا محملة بأكوام مكدسة من المعاطف ذات الفراء الكثيف الغالي الثمن يمكن أن يرحب بها أبناء دولة تقع على خط الاستواء لا ينقطع عنها حر الشمس صيفا ولا شتاء !! ,  كما أن كل صاحب عقل حتى لو كان محدود التفكير لن يقبل أن يجرب على نفسه ويضع دهانا لتورم القدمين فيضعه على عينه ليعالج مرضها لمجرد انه فقط دواء مستورد.
وبهذا فأمراضنا الحالية كأمة مسلمة تختلف تماما عن أمراضهم التي تطلبت منهم حربا شرسة بين رجال العلم ورجال الدين , ولهذا كيف نأتي بالعلمانية لتعالج عندنا مشكلات اصطدام العلم مع الدين وهما في الأصل لم يصطدما يوما في المنهج الإسلامي, بل يعتبر أن زمن التقدم والازدهار العلمي عند المسلمين كان متواكبا مع التزامهم بثوابت دينهم , ولم يتراجع العلم ويسود الجهل والخرافة إلا في الفترات التي بعد المسلمون فيه عن أساسيات دينهم عقيدة وسلوكا وأخلاقا .
هل نقبل بكل نتائجها ؟
يمكن لنا بعد تجربة العلمانية سنين طويلة في أوروبا أن ننظر في نتائجها وثمارها عليهم وعلينا أن نقبل بنتائجها كاملة أو نرفضها بالكلية – مع عدم التسليم بأن التقدم العلمي كان سببه الأساس نبذ الدين .
فدائما ما يثمر الاهتمام بالعلم ودعمه وتيسير سبله تقدما علميا وهكذا في كل أمة تهتم بالعلم قبل ظهور العلمانية أو بعدها , وكذلك كانت أمة الإسلام دون أن تكون علمانية , ولهذا لا يمكن لمدع أن يقول أن السبب الوحيد للتقدم العلمي هو نبذ الدين الذي يسمونه العلمانية .
وبمحاولة استقصاء لارتباط ترك الدين بنمو الحضارة وازدهارها , فلمعظم الأمم السابقة التي تركت الدين أو سادت عندها الخرافات ولم تعرف إلها معبودا سوى وثن ليس له أية أوامر  فلم نجد لأكثرهم حضارة , فالبدائيون الذين عبدوا الأوثان من الأحجار والأشجار والحيوانات ولم يكن لديهم رجال الدين يمنعون بحثهم العلمي كما فعل رجال الكنيسة , فلماذا لم يتقدموا رغم أنهم كانوا بلا دين ؟
أن تزييف الحقيقة وتزيين الصورة هما الشغل الشاغل للعلمانيين الذين يحاولون إقناعنا أننا سننتقي من العلمانية الثمار الايجابية الأوروبية مثل التقدم والنظافة واحترام الإنسان - التي يدعون نسبتها للعلمانية – وسنترك ثمارها الخبيثة من الإلحاد بالله والاستهانة به وبأحكامه وكذلك الانفلات الأخلاقي والسلوكي وتحول المجتمع إلى غابة كبيرة ليس فيه من آثار الرحمة شيئ , فالكل مجرد تروس في آلة كبيرة ومن يتوقف للحظة تدهسه الآلة الثقيلة التي لا تعرف قيما إلا قيم المال والثروة والقوة .
هذه هي العلمانية التي تبدأ بمعاداة الدين وتنحيته جانبا وتنتهي بإعلان الإنسان أنه قد صار إلها ينازع الله في ملكيته وقيوميته على خلقه , وما العلم إلا مطية يركبها العلمانيون للوصول إلى أهدافهم التي يعرفها من زرعوا هذا الفكر الخبيث , وللأسف اغتر به كثير من المسلمين ويظنونها خيرا محضا للأمة ويجب عليهم مراجعة أنفسهم في ذلك .
وبالتالي يرفضها الإسلام جملة وتفصيلا , فليس فيها إلا دعوة للإلحاد ونبذ الأديان ومعاداة الخالق سبحانه واعتبار هوى الإنسان هو المشرع والحاكم لهذا الكون



[1] " العلمانية وأثرها في المجتمعات المعاصر – سفر بن عبد الرحمن بن محمد
[2] سفر التكوين الفصل / الإصحاح الثالث 5
[3] سفر التكوين الفصل / الإصحاح الثالث 22

الخميس، 14 مارس 2013

تحديات للشيعه



معاوية الكويت ‏@_Mu3awya_
سأطرح مجموعة تحديات للشيعه في أصل معتقدهم , أرجو أن نجد من يجيب بعلم وأدب إن كان هناك جواب وهدى الله الجميع , نبدأ وبه نستعين ..
·       تحدي 1 يسمّي الشيعه نفسهم بالـ"جعفريّه" نسبةً لفقه جعفر الصادق , نتحدّى بأن يأتونا بكتاب بل بصفحه بل بسطر واحد كتَبَه جعفر بيده في الفقه !
·       تحدي 2 أركان الإسلام الخمسه مذكوره صراحة في القرآن ضاف عليها الشيعه ركن "إمامة علي" نتحدّى بأن يعطونا الآية الصريحه الدالّه على هذا !
·       تحدّي 3 معمّمّين الشيعه يأخذون أموال "خُمس" المكاسب حتى من فرشاة الأسنان ومعجون الطماطم, أعطونا آية واحده بالقرآن أمرت بإخراج الخمس للمعممين!
·       تحدّي 4 ذكر الله في كتابه وجوب اتّباع الصحابه فقال"والذين اتّبعوهم بإحسان" نتحدى أن يأتي الشيعه بآية واحده تأمر باتّباع 12 إمام .. !!
·       تحدّي 5 نريد من الشيعه سنَد واحد "صحيح" فقط ومن أي كتاب تريدون ولأي رواية يختارونها .. !!
·       تحدّي 6 بما أن الشيعه يقولون أن عليّاً إمام معصوم وخليفه, فأين قال ذلك عليّ!! نريد فقط روايه واحده لعلي قال عن نفسه أنه خليفه معصوم .. !!
·       تحدّي 7 زعم الشيعه أن مهديّهم دخل السرداب لأن هناك شرطي من الدوله العباسيّه كان يطارده, طيب انتهت الدوله العباسيه وراحت أُمَم,فلِمَ لم يخرج!
·       تحدّي 8 حصل قتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهم فقاتَل عليّ معاويه وجاء الحسَن فبايع معاويه. من فعَل الصواب الحسن أَم علي !!
فإن كان الصواب مع أحدهما بَطَلت عصمة الآخر,ولا يمكن أن يكونا كلهم على الصواب فالقضيّه واحده والطرف المقاتَل واحد,فلِمَ اختلف منهج المعصومين!
·       تحدّي 9 نريد روايه واحده عن الإمام عليّ دعى للاستغاثه بغير الله والتوسّل بالأموات والطواف على القبور أو سب الصحابه حاشاه رضي الله عنه .. !!
·       تحدّي 10 بما انكم تدّعون اتّباع المعصومين , فلماذا نجد رواياتكم متضاربه متناحره ومراجعكم واحدهم يكفّر الآخر!! هل اتباع المعصوم يورث الفرقه!!
للرد على التحديات : حساب معاوية الكويت ‏(@_Mu3awya_) على تويتر.